أذكار المسلم القرآن الكريم صيد الفوائد الدُرر السنية
قناة المغاربية Echourouk TV إذاعة أدرار المحلية Ennahar TV
France 24 Sky News al-jazeera BBC


try another color scheme:

جديد مواضيع منتديات الواحة / alwahatech newest threads
إضغط علي شارك اصدقائك او شاركى اصدقائك لمشاركة اصدقائك!


روابط تهمك القرآن الكـريم الصوتيات الفلاشـات الالعاب اليوتيوب الزخرفـة إعلانـات قروب الطقس الإخبـار P A ! n مـركز تـحميل
العودة   alwahatech > ˆ~¤®§][©][ القسم الجامعي ][©][§®¤~ˆ > واحة القانون > واحة البحوث والمقالات


واحة البحوث والمقالات مخصص للبحوث والدروس والمقالات






جديد منتدى واحة البحوث والمقالات

بطلان إجـراءات الضبطيـة القضائيـة

بطلان إجـراءات الضبطيـة القضائيـة مقدمـــة المبحث الأول: مفهـوم البطـلان و أنـواعـه المطلب الأول: مفهـوم البطـلان المطلب الثاني: أنـواع البطـلان المبحث الثاني: مياديـن البطـلان في إجـراءات الضبطيـة القضائيـة المطلب

إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 04-28-2010, 04:42 PM   #1
افتراضي بطلان إجـراءات الضبطيـة القضائيـة











بطلان إجـراءات الضبطيـة القضائيـة

مقدمـــة
المبحث الأول: مفهـوم البطـلان و أنـواعـه
المطلب الأول: مفهـوم البطـلان
المطلب الثاني: أنـواع البطـلان


المبحث الثاني: مياديـن البطـلان في إجـراءات الضبطيـة القضائيـة
المطلب الأول: مرحلـة التحريـات الأوليـة
المطلب الثاني: أثنـاء إنجـاز إنابـة قضائيـة


المبحث الثالث:: الجهـات الدافعـة بالبطـلان و المتمسكـة به و آثاره
المطلب الأول: الجهـات الدافعـة بالبطـلان و المتمسكـة به
المطلب الثاني: الآثار المترتبـة عن البطـلان
الخاتمــة









مقدمـــة




نلاحظ أنّ كل من يستقرئ التاريخ، يجد الدول و الحضارات في أوج عظمتها عندما توفر للأفراد في ظلها ضمانات تكفل لهم حقوقهم و حرياتهم، و تكون أنظمتها بعيدة عن مظاهر الظلم و الإستبداد، لأنّ العدل أساس الملك.

و لحماية الإنسان من تعسّف السلطة و تمكينه من التمتع بكرامته و حريته، توصل الفكر الإنساني عبر تطوره التاريخي إلى فكرة سيادة القانون التي يتمثل مضمونها في وضـع أنظمة و قواعـد و إجـراءات تحول دون ظلم القوي للضعيف و الحاكم للمحكوم و ذوي النفوذ على المواطنين البسطاء.

لهذه الأسباب تكتسي مرحلة التحريات الأولية أهمية بالغة، كونها تشمل إجراءات فيها مساس بالحقوق و الحريات، كالقبض على المشتبه فيهم في حالات تلبس و توقيفهم للنظر و تفتيش المساكن و القيام بعمليات المعاينة و غيرها من الأعمال التي يتولى تنفيذها ظابط الشرطة القضائية بمساعدة أعوانه عند قيامهم بالتحري و التحقيق في الجرائم، ملتزمين بمبدأ الشرعية و تحت رقابة و سلطة القضاء، مع مراعاة مبادئ حقوق الإنسان المنبثقة عن المعاهدات الدولية.

إنّ الهدف من التحري عن الجرائم و جمع الإستدلالات و البحث عن مرتكبيها، يكمن في حماية المجتمع؛ هذا من جهة، و من جهة ثانية، إيجاد الآليات و الطرق السليمة لتجسيد الضمانات المقررة في القانون للمتورّطين في الجرائم، و التي تضمن حماية حقوقهم و حرياتهم و تسمح لجهات البحث و التحري القيام بالإجراءات القانونية اللازمة دون أي تجـاوزات إعتمادا على المبـدأ الوارد في القانون على أنّ الأصل في الإنسان البـراءة، و الإنسان بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي حائز لحجية الشيء المقضي فيه.

إذن، فيجب على ضابط الشرطة القضائية إتباع الإجراءات القانونية اللازمة، مع مراعاتها حتى تكون صحيحة و منتجة لآثارها القانونية وفقا للشروط المقرّرة؛ فإذا إختلّ إحدى هذه الشروط، أعتبرت معيبة و ترتّب على ذلك البطلان.

و البطلان، يشكل نظرية و وسيلة هامة في القانون و فعاليته ناتجة عن إحترام مبدأ الشرعية التي تعطي الضمانات الكافية و اللازمة للمشتبه فيهم، و نجد عدّة قضايا هامة عولجت من طرف الضبطية القضائية يشوبها بطلان، و هذا ناتجا لعدم مراعاة الإجراءات الشكلية و الموضوعية عن جهل أو لامبالاة.

و الإشكالية المطروحة في هذا الموضوع، ما هو مفهوم البطلان و أنواعه؟ و ما هي الأسباب المؤدية إلى بطلان إجراءات الضبطية القضائية؟ و من هي الجهات الدافعة والمتمسكة به؟ و ما هي الآثار القانونية المترتبة عن ذلك سواء من جهة الإدارة التابع لها ضابط الشرطة القضائية أو من جهة القضاء الذي يراقبه في أعماله؟

سوف نتطرق بالتفصيل لمضمون هذا الموضوع، لما له من أهمية في مجال الأعمال التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية، و المسؤولية المترتبة عن ذلك، سواء كانت من جهة الإدارة التابع لها أو من جهة القضاء الذي يراقبه في كل أعماله.


المبحث الأول: مفهـوم البطـلان و أنـواعـه

المطلب الأول: مفهـوم البطـلان

لم يعرّف المشرع الجزائري معنى البطلان، بعكس المشرّع المصري الذي أورده في المادة 231 من قانون الإجراءات المصري، على أنّه: " جزاء إجرائي يترتب على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري".

و هناك آراء أخرى قيلت حول البطلان، فذهب رأي إلى أنّه "لا بطلان بغير نص"؛ فالمشرع، هو الذي يتولى بنفسه تحديد حالات البطلان بحيث لا يجوز للقاضي أن يقرّر البطلان في غير هذه الحالات، و يسمى البطلان الإلزامي.

و هناك رأي ثالث، يذهب إلى أنّه "لا يشترط لتوقيع البطلان النص عليه، بل يكفي لذلك مجرّد عدم مراعاة الأعمال و الأشكال الجوهرية". و هنا يترك الأمر للقضاء، يقدّر مدى جسامة المخالفة حتى يحكم بالبطلان.

و يذهب رأي رابع، في أنّه "لكي يكون الإجراء قابلا للبطلان، فيجب أن يكون موجودا، و هذا الوجود يرتكز على أمرين؛ أولهما أن يكون القانون مصدرا له، فالقاعدة الشرعية يجب أن تكون عليها في القوانين و أن يكون مصدرها الهيئة المختصة بالتشريع. و ثانيهما من حيث جوهره، فالعمل الإجرائي مرتبط من حيث وجوده بوجود الخصومة الجنائية التي تستلزم إرتكاب جريمة ينتج عنها تحريك الدعوى العمومية ضد المتهم أمام قاضي جنائي".

كما يذهب رأي آخر في تعريف البطلان على أنّه: "جزاء يلحق الإجراء نتيجة مخالفته أو إغفاله لقاعدة جوهرية في الإجراءات، يترتب عنه عدم إنتاجه لأي أثر قانوني، فالإجراء يكون باطلا إما بسبب عدم توفره على العناصر اللازمة لصحته، أو لأن من قام به لا يملك الصفة و الإختصاص و السلطة القانونية لمباشرته، أو أنّ إجراءا جوهريا تمّ إغفاله و لم يتم القيام به حسب الشروط التي فرضها القانون أو أقرّها القضاء".

المطلب الثاني: أنـواع البطـلان

يتنازع البطلان نظريتان أساسيتان، أولهما نظرية البطلان القانوني، و ثانيهما نظرية البطلان الذاتي. و مقتضى النظرية الأولى، أنّ البطلان لا يكون إلا بنص، فإذا إنتفى النص ينتفي إمكانية القول بالبطلان. و مقتضى النظرية الثانية، وجود القول بالبطلان، كلما كان الإجراء المعيب منطويا عموما على إهدار القواعد الجوهرية و بخاصة ما تعلّق منها بالحرية الشخصية و حقوق الدفاع و دون حاجة إلى نص يقرّره.

و أهم تقسيم إستقر عليه الفقه و القضاء، هو تقسيم البطلان إلى مطلق متعلق بالنظام العام، و بطلان نسبي متعلق بمصلحة الأطراف، و أنّ التمييز بينهما يعتبر مصلحة لها أهميتها في الميدان العملي نظرا لما يترتب عنه من نتائج و آثار على إجراءات الدعوى العمومية و مصيرها. ففي كل مرّة، تواجه هذه المسألة رجال القضاء مما يستدعي منهم الإلتزام الدقيق في مميزات و نطاق كل نوع من نوعي البطلان، للقول بأنّ مخالفة إجراء معين يترتب عنه بطلان مطلق أو نسبي.

و حسب قانون الإجراءات الجزائية، فإنّ أهم تقسيم للبطلان هو بين البطلان المتعلق بمصلحة الأطراف و البطلان المتعلق بالنظام العام. و سوف نتطرق إلى كلٍ منهما بنوع من التفصيل.


أولا: البطـلان المطلـق

هو الذي يترتب على مخالفة القواعد الخاصة بالإجراءات الجوهرية المتعلقة بالنظام العام؛ و البطلان المتعلق بالنظام العام، يعني تلك الإجراءات التي تشمل القواعد التي تحدد نطاق الحرية الشخصية بصورة إستثنائية و المتمثلة في سلامة الجسم و حرية التنقل و حرمة الحياة الخاصة، فالتعذيب مثلا يمس بسلامة الجسم و هو محظور بصفة مطلقة. لذلك، فكل إجراء يتضمن تعذيب شخص للحصول على إقرار يعدّ باطلا لما فيه من خرق و إنتهاك لحق يحميه القانون؛ و من يدخل منزل شخص ليلا دون مبرّر و في غير الحالات المنصوص عليها قانونا لغرض تفتيشه، يعد ذلك الإجراء باطلا لخرقه قاعدة من النظام العام.

و المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية، لم يشير في نصوصه لا إلى البطلان المطلق و لا إلى البطلان المتعلق بالنظام العام. في حين أنّ قضاء المحكمة العليا، يستعمل في قراراته مصطلح البطلان المتعلق بالنظام العام بدلا من مصطلح البطلان المطلق، أمّا القانون المدني فقد إستعمل مصطلح البطلان المطلق في المادة 102 منه.

من خلال ما سبق، فقد إستقر الفقه و القضاء على إعمال بعض الضوابط لمعرفة ما إذا كان الإجراء جوهريا يترتب على مخالفته البطلان، أو أنّ الإجراء تنظيمي لا يترتب عليه مثل هذا الأثر، و يمكن حصر هذه الحالات في النقاط التالية:

1- شـرط المصلحة العامـة:

إنّ القواعد التي وضعها المشرع في قانون الإجراءات الجزائية، متعلقة بإجراءات التي يجب مراعاتها ضمانا لحسن سير الجهاز القضائي و أنّها ترتبط بالمصلحة العامة للمجتمع، و على هذا الأساس تعتبر جميع الإجراءات المتعلقة بحسن سير هذا الجهاز من قِبل الإجراءات الجوهرية التي يجب مراعاتها و إلا ترتّب على مخالفتها البطلان.

أ)- الإجراءات المتعلقة بحق النيابة العامة في مباشرة الدعوى الجزائية و تمثيلها أمام القضاء، تعتبر من الإجراءات الجوهرية؛

ب)- القواعد المتعلقة بتشكيل المحكمة من حيث عدد أعضائها و صفاتهم و ولايتهم للنظر في الدعوى و الحكم، تعتبر قواعد جوهرية؛

ج)- القواعد المتعلقة بإختصاص المحكمة من حيث الجريمة، هي قواعد روعيت فيها المصلحة العامة.

2- شـرط مصلحة الخصـوم:

يعتبر الإجراء جوهريا، إذا كان قد نصّ عليه المشرّع لمصلحة الخصوص في الدعوى الجزائية، مثالها حضور الخصوم إجراءات التحقيق.

3- شـرط إحترام حقوق الدفاع:

نصّ المشرّع على إجراءات كفيلة لحق المتهم في الدفاع عن نفسه و نفي التهمة المنسوبة إليه، و مثالها القواعد و الإجراءات الخاصة بالقبض و التفتيش و التكليف بالحضور...الخ.

فالبطلان المطلق يتميز بعدّة أحكام، نوردها في النقاط التالية:

أ‌- جـواز التمسك به في أيّة حالة كانت عليها الدعوى و لو لأوّل مرّة؛
ب‌- أن تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها و دون حاجة إلى طلب من الخصوم؛
ج- عدم قابليته للتصحيح عن طريق رضاء الخصم الصريح أو الضمني.

ثانيا: البطـلان النسـبي (المتعلق بمصلحة الأطـراف)

و يتمثل البطلان النسبي المقرر لمصلحة الخصوم في مخالفة الضمانات التي نصّ عليها القانون لحماية الحرية الشخصية، و هذه الضمانات يمكن أن تكون ضمانات للدفاع بواسطتها يتمكن المتهم من مواجهة التهمة و الدفاع عن براءته، و ضمانات أخرى تتعلق بضرورة مراعاة الأمن الشخصي و حرية الحياة الخاصة.

و البطلان النسبي يجب الدفع به، و التمسك به أمام محكمة الموضوع. كما لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي به من تلقاء نفسها، و لا يجوز التمسك به إلا من قِبل الخصم صاحب المصلحة المباشرة في الحكم ببطلان الإجراء لعدم مراعاة القواعد القانونية المقررة لمصلحته، و هو قابل للتصحيح و التنازل.

و قد أشار المشرع الجزائري في المادة 159 من قانون الإجراءات الجزائية إلى البطلان المتعلق بمصلحة الأطراف، فنص على أنّه: "يترتب البطلان أيضا على مخالفة الأحكام الجوهرية المقرّرة في هذا الباب خلاف الأحكام المقرّرة في المادتين 100 و 105 إذا ترتّب على مخالفتها إخلال بحقوق الدفاع أو حقوق أي خصم في الدعوى".















المبحث الثاني: مياديـن البطـلان في إجـراءات الضبطيـة القضائيـة

على ضابط الشرطة القضائية، الإلتزام بمبدأ الشرعية وفقا للشروط المحدّد قانونا؛ فإذا إختل فيها إحدى الشروط الأساسية، أُعتبرت معيبة و ترتّب على ذلك البطلان.

المطلب الأول: مرحلـة التحريـات الأوليـة

الفـرع الأول: الإستدلال و الإختصاص الإقليمي

1- الإستدلال: هو المرحلة التي تسبق الخصومة الجزائية، و هي تمهّد لهذه الدعوى بتجميع العناصر و الأدلة المادية التي تثبت وقوع الفعل الإجرامي و القيام بالتحريات اللازمة عن مرتكبيه حتى تستطيع النيابة العامة توجيه تحقيقها بالشكل الذي يصل بها إلى الحقيقة.

فقد تنص الفقـرة الثالثـة من المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية على أنّه: "و يناط بالضبط القضائي مهمة البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي".

و يقوم بمهمة الإستـدلال مأمـورو الضبط القضائي، و هذه هي وظيفتهم الأصلية و إن كان القانون قد خوّل لهم إلى جانبها إجراء التحقيق في أحوال إستثنائية. و مهمة مأمورو الضبط القضائي في جمع الإستدلالات، لا تتعدى إتخاذ الإجراءات اللازمة للكشف عن الجريمة و مرتكبيها و التأكد من وقوعها و جمع العناصر التي تصلح لأن تكون أساسا لبدء النيابة العامة نظرها في أمر الدعوى العمومية التي تملك وحدها الإختصاص بشأن تحريكها، و قد أوجب القانون تحرير محضر جمع الإستدلالات و رفعها إلى النيابة العامة للتصرف فيها، و هذا ما تنص المادة 36 في الفقرة السابعة من قانون الإجراءات الجزائية: "تلقي المحاضر و الشكاوي و البلاغات و يقرر ما يتخذه بشأنها و يخطر الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمقرر يكون قابلا دائما للمراجعة و يعلم به الشاكي أو الضحية إذا كان معروفا في أقرب المجال".

فبالرغم من أنّ ضابط الشرطة القضائية، يقوم بتحريات دقيقة مبنية على أساس قانوني و صحيح لا يشوبه أي بطلان، فوكيل الجمهورية غير ملزما بملف القضية و يجوز له أن يأمر بحفظها و فتح تحقيق من جديد، لكن من الناحية العملية لم نلق حتى الآن هذا الإشكال.

2- الإختصاص الإقليمي: يمارس ضباط الشرطة القضائية إختصاصاتهم في حدود الإقليم الذي يمارسون فيه وظائفهم. كما يجوز لهم تمديد الإختصاص وفقا النصوص المحددة في قانون الإجراءات الجزائية، و سوف نتطرق لكل منهما على حدى.

أولا: الإختصاص الإقليمي (المحلي)

و قد نصت عليه المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية، و حدّدته بمجال الإختصاص الإقليمي لضابط الشرطة القضائية بالدائرة الإقليمية التي يباشر في إطارها عمله المعتاد بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة، حيث تنص الفقرة الأولى من هذه المادة على أنّه: "يمارس ضباط الشرطة القضائية إختصاصهم المحلي في الحدود التي يباشرون ضمنها وظائفهم المعتادة". و لا يجوز لهم الإنتقال إلى دوائر أخرى إلى بطلب تمديد الإختصاص من وكيل الجمهورية المختص، و في حالة عدم مراعاة ذلك ينجر عنه بطلان الإجراءات.

ثانيا: الإختصاص الإقليمي في حالة الإستعجال (النوعي)

حسب الفقرة الثانية و الثالثة من المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية: "يمتد الإختصاص الإقليمي لضباط الشرطة القضائية في حالة الإستعجال إلى دائرة إختصاص المجلس القضائي الملحق به". و هذا الإمتداد يكون بتوفر شروط قانونية محددة متمثلة في:

أ‌- أن يكون هناك حالة إستعجـال؛

ب- أن يطلب ذلك أحد رجال القضاء المختصين، و الذين يتمتعون بالصفة القانونية؛

ج- أن يتم تبليغ ضابط الشرطة القضائية المختص محليا، و يجب على هذا الأخير تقديم المساعدة لضابط الشرطة القضائية العامل في إقليمه، ذلك لأنّه أكثر معرفة و دراية بإقليم السكان و كذلك في حالة وجود جريمة عارضة؛

د- أن يقوم بإبلاغ وكيل الجمهورية المحلي؛

ه- بالنسبة للمجموعات السكنية المقسمة إلى دوائر كما هو الشأن في المدن الكبرى، فإنّ ضابط الشرطة القضائية يمارس وظائف إختصاصه في إحداها، و يشمل كافة المجموعة السكنية، بينما يمتد إختصاصه إلى كامل الإقليم الوطني فيما يتعلق ببحث و معاينة جرائم المخدرات - الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية - الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات - جرائم تبييض الأموال - الإرهاب - الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف وفقا لنص المادة 16 الفقرة السابعة من قانون الإجراءات الجزائية؛

و- أما بالنسبة لضباط الشرطة القضائية التابعين للمصالح العسكرية، فإنّ إختصاصهم يشمل كافة التراب الوطني.

و من المسلّم به، فإنّ كل إخلال بالقواعد الأساسية للإختصاص، يؤدي إلى البطلان المطلق المتعلق بالنظام العام.

الفـرع الثاني: تحريـر المحاضـر

1- تعريـف المحضـر: وثيقة رسمية مكتوبة يحررها و يوقعها أعضاء الشرطة القضائية طبقا للأشكال التي حددها القانون، و التي يسجلون عليها ما يقومون به من أعمال تندرج في إطار المهام المنوطة بهم كالتحريات - المعاينات - سماع الأشخاص - تلقي الشكاوي - تفتيش المساكن...الخ.

2- حجيـة المحاضـر: معناه قوتها القانونية و مدى إعتماد القاضي عليها حتى يكون إقتناع شخصي، و إصدار الحكم بناء على ما يستخلص منها من أدلة إثبات، بشرط أن تكون صحيحة طبقا للأشكال و الشروط التي ينص عليها القانون. و قد تنص المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية، على أنّه: "لا يكون للمحضر أو التقرير قوة الإثبات إلا إذا كان صحيحا في الشكل و يكون قد حرره واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته و أورد فيه عن موضوع داخل في نطاق إختصاصه ما قد رآه أو سمعه أو عاينه بنفسه".

نستخلص من نص المادة أربعة شروط تتمثل في:

أ‌- أن يكون المحضر صحيحا و متضمنا معلومات مطابقة للحقيقة و الواقع: فيجب أن تنقل المعلومات التي يشاهدها أو يسمعها أو يقرأها ضابط الشرطة القضائية بكل موضوعية و إخلاص و إلتـزام الدقـة في تسجيـل المعلومات. كما يجب أن يذكر الزمان و المكان و هوية الأشخاص بصورة دقيقة و مضبوطة، و أن يصف الوسائل المستعملة في الجريمة وصفا وافيا يسمح بالتـّـعرف عن الموصوف، و أن تكون الصياغة بأسلوب واضح يسهل الفهم، و عادة تحـرر المحاضر و تكتـب بالآلة الراقنة و الحاسوب، هذا من حيث صحته و مضمونه و شروطه الموضوعية. أما الصحة من حيث الشكل، فتتمثل في تحرير المحضر وفقا للشكل الذي نص عليه قانون الإجراءات الجزائية، حيث تنص المادة 52 من نفس القانون من تضميـن محضر إستجواب كل شخص موقوف للنظر مـدة الإستجواب و فترات الراحة و ساعة إطلاق سراحه و ضرورة توقيع الشخص المعني على هامش المحضر، و ما تنص عليه المادة 54 من قانون الإجراءات الجزائية من ضرورة تحرير المحاضر في الحال و توقيع كل ورقة من أوراقها (في حالة الجريمة المتلبس بها). و يجب أن يكون المحضر مؤرخا و ممهورا بختم المصلحة التي ينتمي إليها محرره، و يسجل في سجل المحاضر مثلما تنص عليه المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية. ففي حالة الإخلال بالشروط الشكلية و الموضوعية للمحضر، فإنه يفقد صفته الجوهرية و يشوبه البطلان، و قد إعتبرت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 28 نوفمبر 1989 طعن رقم 58430 "أنّ الشكلية تعد جوهرية عندما تمس بحقوق من يتمسك بها". و يكون الإجراء جوهريا إذا كان يهـدف إلى حمايـة حقوق الدفاع أو حقوق أطـراف الدعوى الجزائيـة أو يرمي إلى حسن سير العدالة.

ب‌- أن يكون المحضر قد حرره ضابط الشرطة القضائية أو مساعدوه المؤهلين أثناء أدائهم لمهامهم و وظيفتهم: أي أثناء القيام بالخدمة، فالذي يكون في إجازة أو عطلة، لا يمكن أن يقوم بتحرير محضر و لو فعل ذلك لأخلى بشكل من الأشكال القانونية، و بالتالي الوقوع في البطلان.

ج- أن يكون المحضر متضمنا لإجراءات تندرج ضمن إختصاص المحـرر: و ينقسم إلى ثلاثة أنواع، شخصي- نوعي- محلي.

• الإختصاص الشخصي: تتحدد من خلال الصفة الخاصة لضباط الشرطة القضائية، فالعسكريون مثلا يقـوم بالتحريات معهم ضباط الشرطة القضائية التابعين للدرك الوطني أو الأمن العسكري. فضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن الوطني، ليسوا مختصين بمعاينة الجرائم التي يرتكبها العسكريون.

• الإختصاص النوعي: إضفاء صفة ضابط الشرطة القضائية، حيث لا يجوز لعون الشرطة القضائية إتخاذ إجراء التوقيف للنظر أو تفتيش مسكن، لأنّ ذلك مقصورا على الذين لهم صفة ضابط الشرطة القضائية (المادتين44-51 من قانون الإجراءات الجزائية).

• الإختصاص المحلي (المكـاني): الإطار الذي يباشر فيه ضابط الشرطة القضائية مهامه أي إختصاصه الإقليمي. (المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية).

د- أن يكون مضمـون المحضر من بيانات و معلومات حاصـلا مما قد رآه أو سمعـه أو عاينه ضابط الشرطة القضائية بنفسه: فلو تقدّم شخص ببلاغ إلى ضابط الشرطة القضائية، مفاده أنّ جريمة أرتكبت في مكان و زمان ما، فلا يكفي ذلك لتحرير محضر بشأنها، بل يجب عليه أن ينتقل إلى مكان الجريمة - يعاين وقائعها بنفسه - يسمع الشهود - يقوم بجميع إجراءات التحري التي تتطلبها، لأنّه يعتبر مسؤولا تأديبيا و جزائيا على جميع أعماله. فإذا لم تراع هذه الشروط أو أغفل واحدا منها، يترتب على ذلك البطلان.

3- أنـواع الحجيـة: بالنظر إلى حجية المحاضر، فهذه الأخيرة تنقسم بدورها إلى ثلاثة أنواع:

أ- المحاضر التي تتلخص حجيتها في كونها مجرد إستدلالات: هذا النوع يشمل كل المحاضر و التقارير المحررة من طـرف أعضاء الشرطة القضائية، مثبتين فيها الأعمال و الإجراءات التي يباشرونها كمعاينة الجنايات و الجنح، و هو ما تنص عليه المواد 18-20-215 من قانون الإجراءات الجزائية.

فالوقائع التي تثبت في هذا النوع من المحاضر، تعد مجرد معلومات للقاضي، و له أن يقبلها أو يطرحها و يأخذ بها على سبيل الإستدلال و الإستئناس.

ب- المحاضر التي تعتبر حجة حتى يثبت العكس: تكون لهذا النوع من المحاضر حجية أي أنّ المحكمة تعتمد عليها، بمعنى أنّ ما جاء فيها صحيحا إلى أن يثبت العكس. و هذا ما تنص عليه المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية: "في الأحوال التي يخول القانون فيها بنص خاص لضباط الشرطة القضائية أو أعوانهم أو للموظفين و أعوانهم الموكلة إليهم بعض مهام الضبط القضائي سلطة إثبات جنح في محاضر أو تقارير تكون لهذه المحاضر التقارير حجيتها ما لم يدحضها دليل عكسي بالكتابة أو شهادة الشهود".

من خلال هذا النص (المادة 216)، نلاحظ أنّ المشرع وضع ثلاث قيود لهذه المحاضر ذات الحجية، و المتمثلة فيما يلي:

- الحالات التي خول فيها القانون بنصوص خاصة إثبات الجنح؛
- أن تكون شهادة الشهود أو الكتابة هي الدليل العكسي الذي يدحض ما جاء في المحضر؛
- هذا النوع من المحاضر يتعلق بالجرائم المكيفة "مخالفات أو جنح"، و المنصوص عليها في قوانين خاصة كقانون الجمارك و المخالفات المتعلقة بالصيد و تلك المتعلقة بقمع الغش و القانون الخاص بحماية البيئة. و تنص المادة 138 من القانون رقم 88-03 المؤرخ في 5فبراير1988، المتعلق بحماية البيئة على أنه: "تحرر المحاضر على يد المفتشين المكلفين بحماية البيئة و يعول عليها إلى أن يثبت العكس". و تنص المادة 254 من قانون الجمارك في فقرتيها الثانية و الثالثة على أنّ: "المحاضر الجمركية تثبت صحة المعاينات المادية التي تنقلها ما لم يقطع الطعـن فيها بعدم الصحة، كما أنّ هذه المحاضر تثبت صحة الإعترافات و التصريحات المسجلة فيها ما لم يثبت العكس".


إنّ المشـرّع أعطى لهـذه المحاضر قيمـة و حجية ما لم يدحضها دليل عكسي، و أغلبية هذه الجرائم تكيف على أنها مخالفات و في أغلب الأحيان فإنّ عقوباتها المقررة مالية.

ج- المحاضر التي تكون لها حجية إلى أن يطعن فيها بالتزوير: هذا النوع من المحاضر، تنص عليه المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية: "إنّ المواد التي تحرر عنها محاضر لها حجيتها إلى أن يطعن فيها بالتزوير، تنظمها قوانين خاصة. و عند عدم وجود نصوص صريحة تتخذ إجراءات الطعن بالتزوير وفق ما هو منصوص عنه في الباب الأول من الكتاب الخامس". و مثال هذا النوع من المحاضر، ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 12 من الأمر رقم 75-33 و المتعلقة بإختصاصات مفتشية العمل من أنّ محاضر تفتيش العمل و الشؤون الإجتماعية تكون لها قوة ثبوتية حتى يُـدَّعى تزويرها. و تندرج ضمن هذا النوع من المحاضر الفقرة الأولى من المادة 254 من قانون الجمارك و المتعلقة بمحضر الجمارك الذي يحرره عونان محلفان على الأقل، حيث يكون صحيحا ما لم يطعن فيه بالتزوير.

على ضابط الشرطة القضائية و معاونيه و رؤساء الأقسام و المهندسون و الأعوان الفنيون و التقنيون المختصون في الغابات أن يلتزموا بجملة من الضوابط و القيود التي يضعها المشرع في النصوص القانونية أثناء أداء مهامهم و تحرير محاضرهم حتى يتجنبوا أشكال التجاوز و التعسف أو الإخلال بمظاهر الشرعية الإجرائية التي تؤدي حتما إلى بطلان إجراءاتهم و تقاريرهم إذا لم تراع الشروط الشكلية و الموضوعية.

ملاحظـة: في حالة إرتكاب حدث (قاصر) لجناية أو جنحة، فلا يجوز سماعه على محضر رسمي إلا بحضور ولي أمره أو الوصي أو من ينوب عنه، و في حالة الإخلال بذلك يترتب البطلان.

الفـرع الثالث: أثنـاء التفتيـش و الحجـز

إنطلاقا من أهمية و قداسة حرمة المسكن، فقد أولاه دستور 28 نوفمبر 1996 عناية خاصة في المادة 50؛ كما حدّد قانون العقوبات في مادته 355 وصفا مدققا للمنزل، و قد تولى قانون الإجراءات الجزائية تحديد الشروط الشكلية و الموضوعية لإجراءات التفتيش و الحجز و الجهات المكلفة بهما و حالات بطلانهما.

فتنص المادة 50 من الدستور أعلاه، على أنه: "تضمن الدولة حرمة المسكن. لا تفتيش إلا بمقتضى القانون، و في حدوده. لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة".

كما تنص المادة 355 من قانون العقوبات، على أنه: " يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك و لو متنقل متى كان معدا للسكن، و إن لم يكن مسكونا وقتـذاك و كافة توابعه مثل الأحـواش و حظائر الدواجن و مخازن الغلال و الإسطبلات و المباني التي توجد بداخلها مهما كان إستعمالها حتى و لو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي".

1- تعريـف التفتيـش: لم يعرّف المشرّع الجزائري التفتيـش على غرار الفقه، على أنّه إجـراء من إجراءات التحقيـق و حق للعدالة، يقـوم به رجال القضاء مباشرة أو بواسطة الضبطية القضائية بأمر مكتوب منهم (من رجال القضاء)، و الهدف من التفتيـش هو البحث، في مكان خاص مغلق عادة يتمتع بالحرمة و عدم الإنتهاك، عن الأدلة المادية للجريمة و حجزها.

2- حالات التفتيـش:

أ‌- حالـة التلبـس: تنص على هذه الحالة المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية بالقول: "لا يجوز لضابط الشرطة القضائية الإنتقال إلى مساكن الأشخاص الذين يظهر أنهم ساهموا في الجناية أو أنهم يحوزون أوراقا أو أشياء متعلقة بالأفعال الجنائية المرتكبة، لإجراء التفتيش إلا بإذن مكتوب صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الإستظهار بهذا الأمر قبل الدخول إلى المنزل و الشروع في التفتيـش".

من خلال هذه المادة، فقد وضع المشرع ضوابط و قيود على أن يلتزم بها ضابط الشرطة القضائية، و تتمثل فيما يلي:

- أن ترتكب جناية في حالة تلبس؛
- أن يكون صاحب المسكن محل التفتيـش ممن إرتكبوا أو ساهموا في إرتكاب الجناية أو ممن تظهر عليهم أمارات تدل على أنه يحوز أشياء أو أوراقا لها علاقة بالجناية؛
- إلزامية إستظهار إذن مكتوب من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق؛
- إلزامية الإستظهار بالإذن المكتوب قبل الدخول إلى المسكن و مباشرة التفتيـش.

ب- في غير حالات التلبس: عندما يجري ضابط الشرطة القضائية تحرياته في غير حالات التلبس، فإنّ تفتيـش مسكن المشتبه فيه، لا يمكن مباشرته إلا بناء على رضاء صريح مكتوب بخط يد صاحب المسكن أو من يستعين به. و هذا ما تنص عليه المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية، على أنه: "لا يجوز تفتيـش المساكن و معاينتها و ضبط الأشياء المبينـة للتهمة إلا برضاء صريح من الشخص الذي سوف تتخذ لديه الإجراءات، و يجب أن يكون هذا الرضاء بتصريح مكتوب بخط يد صاحب الشأن. فإن كان لا يعرف الكتابة، فبإمكانه الإستعانة بشخص يختاره بنفسه و يذكر ذلك في المحضر مع الإشارة إلى رضاه. و تطبق فضلا عن ذلك أحكام المواد من 44 إلى 47 من هذا القانون".

ج- حالات أخرى لتفتيش المساكن: هذه الحالات، نلخصها في الآتي:

- تفتيـش المساكن عند تنفيذ إنابة قضائية. (المادتين 81- 139 من قانون الإجراءات الجزائية)؛
- الدخول إلى المساكن بحثا عن أشخاص موضوع أمر بالقبض؛
- دخول المساكن دون إذن قضائي في حالات طلب الإغاثة من الداخل، و في حالات الكوارث الطبيعية "كالزلازل و الفيضانات".(المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية).


3- شروط تفتيـش المساكن: وضع المشرع جملة من الشروط التي يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يلتزم بها تحت طائلة المتابعة الجزائية. فعدم التقيّد بها سيؤدي إلى الوقوع في البطلان طبقا للمادة 48 من قانون الإجراءات الجزائية، و التي تنص على أنه: "يجب مراعاة الإجراءات التي إستوجبتها المادتان 45 و 47 و يترتب على مخالفتها البطلان". و تنقسم شروط تفتيـش المسكـن إلى شروط تتعلق بالمكان و أخـرى بالزمان و ثالثة مرتبطة بالشكليات.

أ‌- شروط المكـان (الشروط الموضوعية): يتضمن الإذن بالتفتيش، وصف الجرم موضوع البحث عن الدليل و عنوان الأماكن التي يتم زيارتها و تفتيشها و إجراء الحجز فيها. كما يجب أن يتضمن الإذن بالتفتيش، هوية الشخص و عنوانه بدقة. و المكان المراد تفتيـشه هو مسكن المشتبه فيه، و لا يهم إن كان مالكا له أو مستأجرا أو يقيم فيه بالمجان، المهم أنّه شاغلـه. كما يمكن أن يشمل التفتيش، مسكن كل شخص مشتبه أنّه يحوز أوراقا أو أشياء لها علاقة بالجريمة (المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية). كما يتم إجراء التفتيش في الفنادق و المحلات المفتوحة للجمهور ما دام المشتبه فيه موجود فيها.

ب- شروط الزمـان: لا يمكن البدء في تفتيش المساكن قبل الساعة الخامسة صباحا و لا بعد الثامنة مساءا (المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية).

ترد إستثناءات على ذلك، و قد حددها المشـرّع على سبيل الحصر لفائدة الأفراد، و هي:

- عند إستدعاء صاحب المنزل لضابط الشرطة القضائية لسبب من الأسباب؛

- عند صدور نداءات إسثغاتة من داخل المسكن؛

- عند إرتكاب جناية، و يتولى قاضي التحقيق إجراء تفتيش المسكن بنفسه رفقة وكيل الجمهورية، فيجوز له التفتيش خارج الساعات القانونية (المادة 82 من قانون الإجراءات الجزائية)؛

- عند التحقيـق في الجرائم المعاقـب عليها في المواد 342- 384 من قانون العقوبات، و ذلك داخل الفنادق و المنازل المفروشة... إذا تبيّن أنّ هناك أشخاص يمارسون الدعارة فيها بصورة معتادة (الفقرة الثانية من المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية)؛

- عند التحقيق في جرائم المخدرات - الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية - الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات - جرائم تبييض الأموال - الإرهاب - الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف. (الفقرة الثالثة من المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية)، فالتفتيش يكون في كل ساعة من ساعات الليل أو النهار؛

ج- الشروط الشكلية: هناك جملة من الشروط الشكلية حدّدتها المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية، إذ يجب التقيد بها عند مباشرة تفتيش المسكن.

- إلزاميـة إستظهار الإذن بالتفتيش و الذي يكون مكتوبا، و يعيّن المسكن الواجب تفتيشه و يكون هذا الإذن ممهورا و مؤرخا من طرف السلطة التي أصدرته قبل الشروع في مباشرة عملية التفتيش. فضابط الشرطة القضائية، عليه أن يقدّم الإذن إلى صاحب المسكن المراد تفتيشه، و هو الشخص الذي يشتبه في إرتكابه أو مساهمته في إرتكاب الجناية (المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية)؛

- يتم التفتيش بحضور المشتبه فيه، فإذا كان مريضا أو غائبا، يقوم بتعيين ممثلا عنه يحضر عملية التفتيش. و في حالة هروب المشتبه فيه، أو عندما يطلب منه تعيين ممثلا عنه و يمتنع عن ذلك، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يستدعي شاهدين من غير الموظفين التابعين لسلطته؛

- يتم تسخير الشاهدين بواسطة محضر يوقعان عليه و ضابط الشرطة القضائية، و تضبط الأشياء و الأوراق التي يعثر عليها جراء عملية التفتيش و التي تكون مفيدة لإظهار الحقيقة، أو التي يمكن أن تشكّل دلائل أو أدلة مادية في القضية؛

- كما يقوم ضابط الشرطة القضائية بجرد كل المضبوطات و يرقمها و يضعها في أحراز مختومة بعد تقديمها للمشتبه فيه أو للشهود للتعرف عليها، و ترسل مرفوقة بالملف؛

- أما إذا تمّ التفتيش في مسكن شخص ملزم بكتمان السر المهني (محام- طبيب)، فعلى ضابط الشرطة القضائية إتخاذ جميع الإحتياطات اللازمة للحيلولة دون إفشاء المعلومات التي يطلع عليها أثناء عملية التفتيش؛

- أما بالنسبة للتفتيش المنفذ من طرف ضابط الشرطة القضائية خارج حالة التلبس حسب نص المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية، فيتم تنفيذه بموجب رضاء صريح مكتوب بخط يد الشخص المعني بتفتيش منزله. فإذا كان لا يعرف القراءة و لا الكتابة، فيمكن إستعانته بشخص يختاره بنفسه و يبيَّن كل ذلك في محضر.

4- ضبط الأشيـاء عرضا: تنص الفقرة الخامسة من المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية، على أنّه: "إذا أكتشفت أثناء هذه العمليات جرائم أخرى غير تلك التي ورد ذكرها في إذن القاضي، فإنّ ذلك لا يكون سببا لبطلان الإجراءات العارضة.

- الأصل في التفتيش، يكون للبحث عن الأشياء المتعلقة بالجريمة موضوع التحقيق، و من تمّ فللقائم على التفتيش الحق في ضبط كل ما يتصل بتك الجريمة و يفيد في كشف الحقيقة. فهذا العمل، يمكن أن يترتب عليه العثور على أشياء أخرى تعد حيازتها جريمة قائمة بذاتها متى كان ظهور تلك الأشياء عرضا، فعلى ضابط الشرطة القضائية إتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها بناءا على الحق المخول له في أحوال تلبس الجريمة.

5- الحجــز: عند تفتيش الأماكن التي يمكن العثور فيها على أشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة، فيمكن أيضا حجز كل الأشياء و الوثائق و الأوراق و المستندات التي قد تشكل دليلا على إرتكاب الجريمة و التي تساهم في إظهار الحقيقة (المادتين 42- 81 من قانون الإجراءات الجزائية).

فضباط الشرطة القضائية، يمكنهم القيام بالبحث عن هذه الأشياء و المستندات التي تساهم في إظهار الحقيقة و حجزها.

و يعتبر الحجز إجراء من إجراءات التحقيق يتخذ قصد وضع يد العدالة على الأدلة المادية التي تفيد في إظهار الحقيقة، و عادة ما تكون نتيجة تفتيش. كما يمكن أن يكون إجراء مستقل عنه، ليتحقق نتيجة معاينة محل الحادث. كما يمكن أن تحجز أشياء يقدمها المتهمون و الأطراف المدنية و الشهود بمحض إرادتهم. كما أنه وفقا للفقرات 4- 6- 7 من نص المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية، يجوز لضابط الشرطة القضائية، الإطلاع على الأوراق أو المستندات قبل حجزها و تغلق تلك الأشياء المحجوزة و يختم عليها إذا أمكن ذلك. فإذا تعـذر الكتابة عليها، فتوضع في وعـاء أو كيس يلصق عليه شريطا من الورق و يختم عليه بختمه. كما أنه يحرر جردا للأشياء و المستندات الحجوزة، و لا يجوز فتح الأحراز المختومة و فرز الوثائق إلا بحضور المتهم مصحوبا بمحاميه أو بعد إستدعائهما قانونا. (المادة 84 من قانون الإجراءات الجزائية).

إنّ الشكليات الخاصة بالحجز و المتمثلة في جرد و وضع الأشياء المحجوزة في أحراز مختومة، لم ينص عليها القانون تحت طائلة البطلان. في حين، أنّ فتحها دون حضور المتهم و محاميه، يترتب عن ذلك البطلان الجوهري أي البطلان النسبي المتعلق بمصلحة الخصوم.

6- بطـلان التفتيـش: من الفقهاء من يرى أنّ البطلان الذي يلحق إجراءات التفتيش قد يكون بطلانا مطلقا أو نسبيا، حيث يترتب الأول على مخالفة القواعد الموضوعية مما يؤدي إلى عدم شرعية الإجراء ذاته. أما مخالفة القواعد الشكلية، فإنه يترتب عنها البطلان النسبي المتعلق بمصلحة الأطراف.

في حين يرى البعض الآخر أنّ البطلان الذي يلحق التفتيش، هو في جميع الحالات بطلان مطلق متعلق بالنظام العام.

و يذهب رأي آخر، إلى أنّ القواعد الموضوعية التي تضم التفتيش تتعلق بمصلحة الأطراف، و بالتالي فإنّ مخالفتها يترتب عنه بطلانا نسبيا.

أما موقف المحكمة العليا في قرارها تحت رقم 2247 المؤرخ في 27 يناير 1987، يقضي بأنّ الدفع ببطلان التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يجب عرضها على قضاة الموضوع، و إلا سقط الحق في إثارتها لأول مرة أمام المحكمة العليا.

الفـرع الرابع: أثنـاء التوقيـف للنظـر

1- تعريـف التوقيف للنظـر: هو إجراء بوليسي يأمر به ضابط الشرطة القضائية لضرورة التحريات الأولية، بموجبه يوضع المشتبه فيه تحت تصرف مصالح الأمن في مكان معين و طبقا لشكليات و لمدّة زمنية يحددها القانون حسب الحالات.

2- حالات التوقيف للنظـر: فهو عمل يقوم به ضابط الشرطة القضائية دون غيره من المساعدين (لا بد من توفر صفة ضابط الشرطة القضائية). و قد وردت على سبيل الحصر، و هي:

أ- حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بها: و قد نصت المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية، على أنه: "إذا رأى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر ممن أشير إليهم في المادة 50، فعليه أن يطلع فورا وكيل الجمهورية بذلك و يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف للنظر. لا يجوز أن تتجاوز مدة التوقيف للنظر ثمان وأربعين (48) ساعة. غيـر أن الأشخاص الذين لا توجـد أيـة دلائـل تجعل إرتكابهم أو محاولة إرتكابهم للجريمـة مرجّحا، لا يجوز توقيفهم سوى المدة اللازمة لأخذ أقوالهم. و إذا قامت ضد الشخص دلايل قوية و متماسكة من شأنها التدليل على إتهامه، فيتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقتاده إلى وكيل الجمهورية دون أن يوقفه للنظر أكثر من ثمان وأربعين (48) ساعة".

من خلال نص هذه المادة، يتضح وجود سببين، الأول عند تنقل ضابط الشرطة القضائية لإجراء المعاينات في حالة إرتكاب جنحة أو جناية متلبس بها، يمكنه أن يوقف للنظر كل شخص موجود بمكان الجريمة و منعه من الإبتعاد حتى ينتهي من تحرياته. كما يمكنه إستيقاف أي شخص يرى ضرورة للتحقق من هويته (المادة 50 من قانون الإجراءات الجزائية). فهؤلاء الأشخاص، يمكنهم إفادة التحقيق بتوقيفهم للنظر و هو الإجراء الذي تبرّره مقتضيات و إجراءات التحريات و الكشف عن ملابسات الجريمة.

أما السبب الثاني، فيتمثل في توفر دلائل قوية و متماسكة من شأنها التدليل على إتهامه.

ب- التوقيف للنظـر في التحقيق الإبتدائي: لقد خول قانون الإجراءات الجزائية لضابط الشرطة القضائية حق توقيف شخص للنظر في إطار تحرياته العادية، و ذلك بموجب المادة 65 التي تنص على أنه: "إذا دعت مقتضيات التحقيق الإبتدائي ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة، فإنه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل إنقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية...".

لا يجوز لضابط الشرطة القضائية في هذه الحالة اللجوء إلى التدابير القصرية كما هو الشأن بالنسبة للتحريات في الجريمـة المتلبس بها، بـل يقوم بإستدعاء الشخص كتابة و القيام بالتحقيق معه و سماعه على محضر و إذا رأى ضرورة مفيدة لمجريات تحرياته، يمكن أن يتخذ ضده إجراء التوقيف للنظر مع مراعاة الضمانات التي يكفلها له القانون.

3- ضمانات التوقيف للنظـر: نظرا لخطـورة هذا الإجـراء، أحاطـه المشـرّع بقيود و شكليات، يجب على ضابط الشرطة القضائية الإلتزام بها. الغرض منها المحافظة على حقوق الشخص الموقوف وفقا لما ينص عليه القانون.

أ- الضمانات المتعلقة بتنفيذ إجراء التوقيف للنظر: على ضابط الشرطة القضائية، الإلتزام بالمواقيت القانونية للتوقيف تحت النظر و كيفيات تنفيذ الإجراء مع إثباته بوضـع البيانات و المعطيات المتعلقة به كتابة.

* آجال التوقيف للنظـر: في الجنحة أو الجناية المتلبس بها، يوقف المشتبه فيه الذي تتوافر ضده دلائل قوية و متماسكة ترجح إرتكابه للجريمة، و يقتاد أمام وكيل الجمهورية بعد توقيفه للنظر لمدة لا تتجاوز 48 ساعة. أما بخصوص إجراءات التحريات في حالة التحقيق الإبتدائي، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يقتاد الشخص الذي يحجزه أمام وكيل الجمهورية قبل إنقضاء مدة 48 ساعة. فإذا إحتاج إلى مزيد من الوقت، أجاز القانون لوكيل الجمهورية تمديد مدة التوقيف للنظر لمدة 48 ساعة أخرى، و فحص ملف القضية من طرف هذا الأخير، و يكون قرار هذا التمديد بإذن مكتوب؛ كما يجوز إستثناءا لوكيل الجمهورية الإذن بالتمديد دون تقديم الشخص أمامه (المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية). غير أنه طبقا لنص هذه المادة و المادة 51، يمكن تمديد المدة الأصلية للتوقيف للنظر بإذن كتابي من وكيل الجمهورية المختص:

- مرة واحدة عندما يتعلق الأمر بجرائم الإعتداء على أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات؛
- مرتين إذا تعلق الأمر بالإعتداء على أمن الدولة؛
- ثلاث مرات إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية و جرائم تبييض الأموال و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف؛
- خمس مرات إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية.

إنّ إنتهاك ضابط الشرطة القضائية للأحكام المتعلقة بهذه الآجال، تعرضه للمسؤولية الجزائية.

* بدايـة حساب مدة التوقيف للنظر: عند توقيف شخص في حالة التلبس، يبدأ حساب التوقيف للنظر من لحظة ضبطه، و إذا تعلق الأمر بشخص منعه ضابط الشرطة القضائية من مبارحة مكان إرتكاب الجريمة أو شخص تبين له ضرورة التحقق من شخصيته، فإنّ بداية حساب مدة التوقيف للنظر يبدأ من لحظة تبليغه. و إذا كان الموقوف شاهدا أستدعي أمام ضابط الشرطة القضائية، فإنّ سريان المدة يبدأ من لحظة تقديمه أمامه. و قد يرى ضابط الشرطة القضائية في مجرى تحرياته و أثناء سماع شخص ضرورة توقيفه للنظر، فبداية حساب المدة بالنسبة لهذا الشخص هي بداية الشروع في سماع أقواله.

فضابط الشرطة القضائية، ملزم بفتح سجل خاص يعرف بسجل التوقيف للنظر، يؤشر عليه وكيل الجمهورية و يراقبه دوريا (الفقرة الثالثة من المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية). و يثبت فيه رقم المحضر - إسم ولقب الشخص الموقوف - سبب - مدة حجزه.

و لقد أكّدت التعليمة الوزارية المشتركة المحددة للعلاقات الوظيفية بين السلطة القضائية و الشرطة القضائية في مجال إدارتها و الإشراف عليها و مراقبة أعمالها على ضرورة تفقّد وكيل الجمهورية لأماكن التوقيف للنظر و الإطلاع على السجلات "يتفقد وكيل الجمهورية أماكـن التوقيف للنظـر بصفة دوريـة في أي وقت لمعاينة ظروف التوقيف و الإطلاع على السجلات المنصوص على مسكها قانونا و التي يمكن له أن يدون عليها ملاحظاته، و تكون هذه السجلات مرقمة و موقع عليها من طرف وكيل الجمهورية".

بالإضافة إلى البيانات التي يتضمنها السجل، فإنّ المحضر الذي يحرره ضابط الشرطة القضائية يجب أن يتضمن البيانات التالية:

- مكـان و سبب التوقيف للنظر؛
- تاريخ و ساعة بداية سريان مدة التوقيف للنظر؛
- مدة سماع أقوال المشتبه فيه (البداية و النهاية)؛
- مدة الإستراحة (البداية و النهاية)؛
- ساعة و تاريخ تقديـم الموقوف أمام القاضي المختص، أو ساعة إخـلاء سبيله و يوقع الشخص على المحضر إثباتا للبيانات المسجلة مع توقيع ضابط الشرطة القضائية، و إذا إمتنع عن التوقيع يشار إلى ذلك في المحضر.
ب- مكـان التوقيف للنظـر: تخصص داخل مقرات مصالح الشرطة القضائية أماكن لوضع الأشخاص الموقوفين للنظر، و حدِّدت جملة من الشروط يجب أن تتوفر في هذه الأماكن:

- مراعاة سلامة الشخص الموقوف للنظر (أي أمن محيطه)، فنجد أنّ الغرفة تتوفر على التهوئة و النظافة و مستلزمات النوم، و أن تكون خالية من أي شيء يمكن أن يستخدمه الموقوف لإيذاء نفسه، و أن تكون المراقبة مستمرة و لصيقة؛
- ضرورة الفصل بين الذكور و الإناث.

ج- الضمانات المتعلقة بحقوق الموقوف للنظر: تنص المادة 51 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على جملة من الحقوق، تتلخص في النقاط التالية:

- تمكين الشخص المحجوز من الإتصال بعائلته، و يمكن أن يتم ذلك بواسطة الهاتف. كما يمكن أن يسمح لعائلته لزيارته مع مراعاة حسن سير التحريات؛

- إخضاع الشخص الموقوف للنظر للفحص الطبي عند نهاية مدة التوقيف للنظر و قبل تقديمه أمام القاضي المختص، و يتم هذا وجوبا مع ضم شهادة الفحص الطبي لملف الإجراءات.

4- بطـلان إجراءات التوقيف للنظـر: تعتبر إجراءات التوقيف للنظر باطلة، في حالة الإخـلال بآجال التوقيـف للنظـر وفقا لنص المادة 51 من قانون الإجـراءات الجزائية، و الواردة في النقاط التالية:

أ- في حالة الجريمة المتلبس بها، على أن لا تتجاوز المدة القانونية 48 ساعة؛

ب- في حالة التحقيق الإبتدائي، على أن يكون التمديد بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية المختص؛

ج- يكون التمديد مرّة واحدة عندما يتعلق الأمر بجرائم الإعتداء على أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات؛

د- يكون التمديد مرتين، إذا تعلق الأمر بالإعتداء على أمن الدولة؛

ه- يكون التمديد ثلاث مرات، إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية و جرائم تبييض الأموال و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف؛

و- يكون التمديد خمس مرات، إذا تعلق الأمر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية.

إنّ عدم إحترام هذه الآجال من طرف ضابط الشرطة القضائية، يترتب عليها البطلان، لأنها تعتبر من الإجراءات الجوهرية؛ إضافة إلى المسؤولية الجزائية و العقوبات التي يتعرّض لها من حبس شخص تعسفي.

أما بخصوص الحقوق و الضمانات الأخرى المنصوص عليها في المادة 51 مكرر1، و التي تتعلق بحقوق الأفراد، فيترتب على عدم مراعاتها البطلان النسبي المرتبط بمصلحة الخصوم و المتمثلة في:

- حق الإتصال مع الإحتفاظ بسرية التحريات؛
- حق الزيارة؛
- وجوب إجراء الفحص الطبي بعد إنقضاء آجال التوقيف للنظر.

المطلب الثاني: أثنـاء إنجـاز إنابـة قضائيـة

1- تعريـف الإنابة القضائية: هي إجراء من إجراءات التحقيق، وضع تحت تصرف قاضي التحقيق، يقوم من خلالها بإنتداب قضاة أو ضباط الشرطة القضائية للقيام بإجراءات لا يمكن القيام بها بنفسه.

فالتحقيق، أصلا من إختصاص قاضي التحقيق، فلا يجوز لضابط الشرطة القضائية كقاعدة عامة القيام به، لأنه من مقتضياته (أي التحقيق) أن تكون سلطة التحقيق من إختصاصه (أي قاضي التحقيق) وحده. و حرصا من المشرع الجزائري على إنجاز التحقيق بسرعة مما قد يتعذر على القاضي المحقق تحقيق ذلك، و هذا ما ورد في نص الفقرة السادسة من المادة 68 من قانون الإجراءات الجزائية: "... و إذا كان من المتعذر على قاضي التحقيق القيام بنفسه بجميع إجراءات التحقيق، جاز له أن يندب ضابط الشرطة القضائية للقيام بتنفيذ جميع إجراءات و أعمال التحقيق اللازمة ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد من 138 إلى 142 من قانون الإجراءات الجزائية".

و معنى هذا، أنّ قاضي التحقيق يستطيع أن ينيب محققا آخر أو أحد ضباط الشرطة القضائية لكي يقوم بدلا عنه بمباشرة إجراء من إجراءات التحقيق في حدود الإنابة القضائية، فتنص المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية، على أنه: "يجوز لقاضي التحقيق أن يكلف بطرق الإنابة القضائية أي قاض من قضاة المحكمة أو أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختص بالعمل في تلك الدائرة أو أي قاض من قضاة التحقيق بالقيام بما يراه لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها كل منهما، و يذكـر في الإنابة القضائية نوع الجريمة، موضوع المتابعة و تـؤرخ و توقع من القاضي الذي أصدرها و تمهر بختمه...".

و الملاحظ أنّ ندب أحد ضباط الشرطة القضائية للتحقيق، يأتي تطبيقا للقواعد العامة التي تقرر إلزامهم بتنفيذ الإنابات القضائية و تفويضات قاضي التحقيق، بحيث تنص المادة 13 من قانون الإجراءات الجزائية، على أنه: "إذا ما أفتتح التحقيق، فإنّ على الضبط القضائي تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتها".

و بالرجوع إلى هذه المواد (138إلى142) من قانون الإجراءات الجزائية، فإننا نجد أنّ على قاضي التحقيق تكليف أحد ضباط الشرطة القضائية للقيام بعمل معين و محدد من أعمال التحقيق عدا إستجواب المتهم و سماع أقوال المدعي المدني. كما يتمتع كذلك ضابط الشرطة القضائية المندوب بجميع السلطات المخولة لقاضي التحقيق، و هذا ما نصت عليه المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية، مع الإلتزام بحدود الإنابة القضائية و الإختصاص الإقليمي.






2- شـروط الإنابة القضائية: و يشترط فيها ما يلي:

أولا: أن تصدر الإنابة القضائية من قاضي التحقيق المختص نوعيا و إقليميا، و أن تكون مكتوبة و موقعة من طرفه، أي تخضع لمبدأ التدوين بالإضافة إلى أنها تفترض إنعقاد الإختصاص للقاضي المنيب سواء بطلب إفتتاحي من وكيل الجمهورية أو بإدعاء مدني من المتضرر بالجريمة.

ثانيا: أن يصدر قاضي التحقيق الإنابة القضائية إلى أحد ضباط الشرطة القضائية، فلا تجوز لعون من أعوان الضبط القضائي.

ثالثا: أن تكون الإنابة القضائية خاصة، فلا يجوز للمحقق تفويض ضابط الشرطة القضائية للقيام بجميع إجراءات التحقيق، و هذا يعني أنّ الإنابة يجب أن تكون محددة، و ذلك حسبما تنص عليه المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية: "... غير أنّه ليس لقاضي التحقيق بطريق الإنابة تفويضا عاما".

رابعا: يجب أن تقتصر الإنابة القضائية الموكلة لضابط الشرطة القضائية على بعض إجراءات التحقيق، فينيبه للقيام بعمل من أعمال التحقيق كالتفتيش مثلا. إلا أنّ القانون يقرر عدم جواز ندب ضابط الشرطة القضائية للقيام بإجراء الإستجواب و المواجهة و سماع المدعي المدني (المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية). كما لا يجوز لقاضي التحقيق إنابة ضابط الشرطة القضائية للقيام بأوامر التحقيق المختلفة، فلا يجوز الإنابة القضائية في الأمر بالقبض أو الإحضار أو الإيداع.

خامسا: أن تشمل الإنابة القضائية على بيانات معينة تتعلق بمن أصدرها و صفته و توقيعه و لمن صدرت و الأعمال المراد تحقيقها و نوع الجريمة موضوع المتابعة و تاريخها.

سادسا: على ضابط الشرطة القضائية، أن يلتزم حدود الإنابة القضائية و له في ذلك إستدعاء الشهود للإستماع إليهم بعد أداء اليمين طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 93 من قانون الإجراءات الجزائية. و على الشهود الإستجابة لذلك، و إلا تعرضوا للإحضار جبرا بواسطة القوة العمومية بأمر من قاضي التحقيق، و يمكن أن تسلط على الشاهد المخالف أحكام المادة 97 من قانون الإجراءات الجزائية.

سابعا: يجوز لضابط الشرطة القضائية توقيف كل شخص يرى ضرورة لتوقيفه للنظر لمدة 48 ساعة قابلة للتجديد متى إستدعت ضرورة تنفيذ الإنابة لذلك، مع إمكان تمديده بإذن كتابي من قاضي التحقيق بشرط تقديم الموقوف له و سماع أقواله مع إمكانية التمديد لفترة واحدة في حالات إستثنائية بقرار مسبب دون تقديمه، و إلتزام ضابط الشرطة القضائية بأحكام المادتين 52 و 53 من قانون الإجراءات الجزائية. بعد الإنتهاء من إجراءاته، يحرر ضابط الشرطة القضائية محضرا بشأن ما قام به من إجراءات، يوفي به قاضي التحقيق في المدة التي حددها له. فإذا لم يحدد له أجلا، فعلى ضابط الشرطة القضائية تقديمها في بحر الثماني (8) أيام اللاحقة لإنتهائه من الإجراءات.






3- بطـلان الإنابـة القضائية: تبطل في حالة عدم مراعاة قاضي التحقيق للشروط الموضوعية و الشكلية. فعن تلك الموضوعية، فهي تتمثل في:

أ- يجب أن تتضمن الإنابة القضائية، طلب القيام بإجراءات تحقيق في جريمة محل متابعة؛

ب- لا يمكن إصدار إنابة قضائية، إلا بعد فتح تحقيق قضائي؛

ج- أن تكون الجريمة محددة تحديدا دقيقا.

أما عن الشروط الشكلية، فهي تتمثل فيما يلي:

أ- أن تكون الإنابة القضائية مكتوبة (الكتابة غير مشروطة في حالة الإستعجال وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 142 من قانون الإجراءات الجزائية)؛

ب- أن تكون مؤرخة و ممضاة من طرف قاضي التحقيق؛

ج- أن تكون مختوما عليها بختمه.

كما تعتبر الإنابة باطلة، إذا كانت تتضمن طلب التحقيق في عدد من الجرائم دون تحديد الإجراء بالضبط، أي أن يعطي قاضي التحقيق تفويضا عاما.

و تعتبر كذلك الإنابة القضائية باطلة، إذا فوّض قاضي التحقيق ضابط الشرطة القضائية لإستجواب المتهم أو سماع المدّعي المدني أو القيام بإجراء المواجهات.

كما توجد إجراءات لا يمكن لقاضي التحقيق تفويضها، و تتمثل في الأوامر القضائية (الإيداع- الإحضار- القبض- الأمر بالحبس الإحتياطي- تكليف الخبراء).

إنّ مخالفة كل هذه القواعد، تؤدي إلى عدم شرعية الإجراء ذاته، و بالتالي الوقوع في البطلان المتعلق بالنظام العام.












المبحث الثالث:: الجهـات الدافعـة بالبطـلان و المتمسكـة به و آثاره

المطلب الأول: الجهـات الدافعـة بالبطـلان و المتمسكـة به
إذا لحق البطلان إجراء من إجراءات الدعوى الجزائية المختلفة لعدم مراعاته للقواعد الجوهرية، فإنّ ذلك يستوجب طلب إلغاء الإجراء المعيب بالبطلان أو التنازل عنه صراحة.

1- النيابـة العامـة: تعتبر النيابة العامة طرفا في الدعوى العمومية، تحرّكها و تباشرها و تحيل القضايا على قاضي التحقيق و تستأنف جميع الأوامر التي يصدرها، بالإضافة، يمكن لوكيل الجمهورية سواء عند إطلاعه على ملف إجراءات التحقيق أو إبلاغه بملف القضية بمناسبة تسوية الإجراءات أو التصرف فيها بأنّ إجراء من إجراءات التحقيق مشوب بعيب البطلان، أن يطلب من قاضي التحقيق موافاته بملف القضية ليرسله لغرفة الإتهام مرفقا بعريضـة من أجل طلب إلغاء الإجراء الباطل. كما يمكن لوكيل الجمهورية أو النائب العام التمسك بالبطلان و إثارته أمام جهات الحكم المختلفة. كما يجوز لممثل النيابـة التنازل عن البطلان سواء خـلال مرحلة التحقيق القضائي، أو أمام جهات الحكم، و يكون هذا التنازل صراحة أو ضمنا، و ذلك بعدم التمسك به و إثارته (المادة 158 من قانون الإجراءات الجزائية).

كما يمكن للنيابة العامة، إثارة البطلان أمام المحكمة العليا بشرط ألا يتم ذلك لأول مرّة أمام الجهة القضائية العليا طبقا لأحكام المادة 501 من قانون الإجراءات الجزائية.

2- المتهم و الطرف المدني: إنّ قانون الإجراءات الجزائية، في مادته 158 لا يجيز للمتّهم أو الطرف المدني طلب بطلان الإجراءات أمام غرفة الإتهام مباشرة أثناء سير التحقيق، حيث يقوم بتقديم طلبات لقاضي التحقيق الذي يمكن له رفضها. و هذا الأمر، يعتبـر غير قابل للإستئناف أمام غرفة الإتهام. غير أنّ القانون إذا لم يعطي إمكانية للمتهم و الطرف المدني كي يتمسّكا أمام غرفة الإتهام ببطلان الإجراءات الخاصة بمرحلة التحقيق الإبتدائي التي ألحقت ضررا بهما، و لم تراعى إتجاههما القواعد الجوهرية في الإجراءات، فإنّه بعكس ذلك، حيث أجـاز لهما القانون التنـازل عن التمسك بهذا البطلان طبقا للفقرة الثانية من نص المادة 157 و الفقرة الثالثة من المادة 159 من قانون الإجراءات الجزائية، بشرط أن يكون هذا التنازل صريحا و بحضور محام و تكون نتيجة هذا التنازل تصحيح الإجراء الباطل.

أما بالنسبة لمرحلة المحاكمة، فإنّه يجوز لجميع أطراف الدعوى الجزائية التنازل عن البطلان و التمسك به، بإستثناء التمسك الخاص بإجراءات التحقيق الإبتدائي أمام محكمتي الجنايات و الجنح و المجلس، فإنّ قرار الإحالة الصادر عن غرفة الإتهام يغطي جميع العيوب الخاصة بالإجراءات السابقة.

3- قاضي التحقيـق: لقد أجاز قانون الإجراءات الجزائية في مادته 158 إستثناء لقاضي التحقيق للطعن في إجراءات التحقيق القضائي المشوب بعيب البطلان. فإذا إكتشف بطلان إجراء من الإجراءات التي قام بها أو أمر بالقيام بها بموجب إنابة قضائية، فعليه إثارة ذلك بعـرض الأمر على غرفة الإتهام بعد أخـذ رأي وكيل الجمهورية و إخطـار كل من المتهم و الطرف المدني، طالبا منهما إلغاء الإجراء الباطل.

و يعتبر هذه الحالة الوحيدة التي يجوز فيها لقاضي التحقيق إثارة حالات البطلان أمام جهة قضائية أعلى منه، و هي غرفة الإتهام للفصل فيها. ذلك أنّه من حيث المبدأ، فالقضاة تثار أمامهم حالات البطلان، وهم أنفسهم الذين يفصلون فيه.

4- التنازل عن التمسك بالبطـلان: يمكن للطرف الذي له حق التمسك بالبطلان أن يتنازل عنه، و يكون ذلك صراحة أو ضمنا، يعبر عنه الطرف المعني بإرادة حرّة خالية من أيّ إكراه أو ضغط. و يكون هذا طبعا في مرحلة التحقيق أو مرحلة المحاكمة.

و الهدف من التنازل، إسراع مصالح العدالة بالفصل في مختلف القضايا، لأنّ التمسك بالشكليات تطيل الإجراءات و تضر بمصلحة الأطراف.

هذا التنازل عن التمسك بالبطلان، عندما يطلبه المتهم أو المدعي المدني أمام قاضي التحقيق، فإنّه يبدي له طلبات بخصوص الموضوع و لا يستطيع الأطراف اللجوء إلى غرفة الإتهام إلا عن طريق قاضي التحقيق. بينما يتنازل عن التمسك به مباشرة أمام جهات الحكم المختلفة. أما البطلان المتعلق بالنظام العام، فلا يجوز للأطراف التنازل عنه أو التمسك به.

المطلب الثاني: الآثار المترتبـة عن البطـلان

يترتب على بطلان الإجراءات آثار هامة متمثلة في عدم إنتاج هذه الإجراءات لأية آثار قانونية مرتبطة بها. غير أنّه، يمكن تصحيح هذا الإجراء الباطل و إعادته بطريقة قانونية سليمة. ففي حالة الحكم بإلغاء هذا الإجراء، فإنّه يسحب من الملف و يودع بكتابة ضبط المجلس و يمنع الرجوع إليه لإستنباط أي عنصر أو أي دليل إتهام من الملف ضد الأطراف.

1- أثـر البطلان على الإجراء المعيب نفسه: بمجرد صدور حكم ببطلان إجراء من الإجراءات، يترتب عنه زوال آثاره القانونية و فقدان قيمته في الدعوى الجزائية، و يتوقف عن أداء وظيفته الأساسية، و يصبح الإجراء المعيب منعدما كأنه لم يكن أبدا. كما يترتب البطلان على التفتيش و ما نتج عنه إذا لم تراعى بشأنه أحكام المادتين 45 و 47 من قانون الإجراءات الجزائية، الخاصتين بعمليات التفتيش و ظروف و أوقات القيام بها طبقا لنص المادة 48 من قانون الإجراءات الجزائية. و يؤدي الإعتراف الباطل إلى عدم جواز إستناد المحكمة إليه في إدانة المتهم.

2- أثـر بطلان الإجراء على الإجراءات السابقة عليه: إنّ الحكم ببطلان الإجراء المعيب، لا يمتد للإجراءات السابقة عليه، بل تبقى صحيحة تنتج الآثار المترتبة عليها و لا يلحقها أو يشوبها أي عيب.

3- أثـر بطلان الإجـراء على الإجراءات اللاحقة عليه: إنّ آثـار البطلان تلحـق أساسا و بصفة واضحة الإجراء المشوب بالبطلان، و تؤدي إلى تجريد الإجراءات من إنتاج آثاره القانونية، و يتبعها بطلان الإجراءات اللاحقـة متى كانت ناتجـة عن الإجـراء الباطـل و مرتبطة به إرتباطا مباشرا إعتمادا على المبدأ القائل "كل ما بني على باطل فهو باطل".
فإستقلال الإجراءات اللاحقة عن الإجراء الباطل، يحميها من البطلان الذي شاب الإجراء السابق، و بالتالي، فإنّ بطلان الإجراء المعيب لا يؤثر على صحة الإجراءات اللاحقة له متى كانت هذه الإجراءات مستقلة إستقلالا تاما عنه و لا تربطها به أية علاقة بالإجراء المعيب.

4- تصحيـح الإجـراء الباطل و إعادتـه: يمكن تصحيحه و إعادته إذا كان يتعلق بمصلحـة الأطراف، و أن يكون التنازل صريحا و بحضـور محامي الشخص المتنازل، و يشترط بذلك شرطان:

الشـرط الأول: أن تكون الإعادة ممكنـة؛

الشـرط الثاني: أن تكون الإعادة ضروريـة.

بينما لا يمكن التنازل و التمسك بالبطلان المتعلق بالنظام العام و لا يمكـن إثارته أو تصحيحه بالسكوت.

5- مصيـر الإجراءات الملغـاة: بعد أن تعاين الجهة القضائية المختصة إجراء معين مشوبا بالبطلان، تصدر حكما بإلغاء الإجراء المعيب وحده. كما يمكنها أن تحكم أيضا بإلغاء الإجراءات اللاحقة له و المرتبطة به إرتباطا مباشرا، و يمكن إستنباطه في نقطتين:

أ- سحب الإجراءات الملغاة: إنّ الإجراءات الملغات و كذا تلك اللاحقة لها، يترتب عنها سحب أصل و نسخة الإجراء الباطل و الإجراءات اللاحقة له و حفظها بكتابة ضبط المجلس القضائي طبقا للفقرة الأولى من المادة 160 من قانون الإجراءات الجزائية.

ب- منع إستنباط عناصر أو أدلة الإثبات ضد الأطراف من الإجراءات الملغاة: تنص الفقرة الثانية من المادة 160 من قانون الإجراءات الجزائية على منع القضاة و المحامين من الرجوع لأوراق الإجراءات التي أبطِلت أو ألغِيت لإستنباط عناصر أو إتهامات ضد الخصوم في المرافعات و إلا تعرضوا لعقوبات تأديبية.





الخاتمــة
إنّ البطلان، يكتسي أهمية بالغة و خطيرة، بوصفه جزاء إجرائيا يلحق كل إجراء يتـم بالمخالفة للشكل الواجب إتّباعـه و صياغته فيه، بإعتباره وسيلة لحماية حقوق الدفاع و حماية للمصلحة العامة.

و قد أخذ المشرّع الجزائري بمذهبي البطلان القانوني و البطلان الجوهري (الذاتي)، بحيث نص على ضرورة مراعاة بعض الإجراءات التي تقع تحت طائلة البطلان، في حين ترك حالات البطلان الأخرى للقضاء يتولى تقريرها و الحكم بها.

فإذا أخلى ضابط الشرطة القضائية أو تهاون أو تجاهل أو أخطأ أثناء ممارسة مهامه المرتبطة بالتحريات و التحقيقات و النشاطات المندرجة ضمن إختصاصاته، فإنّه يتعرّض إلى عقوبات تأديبية أو جزائية لأنّه مراقـب من طرف كل من وكيل الجمهورية و غرفة الإتهام و قاضي التحقيق و سلطته الإدارية.

إنّ هذه الإجراءات تـُـعـدّ ضمانة لجعل ضابط الشرطة القضائية يلتزم أثناء ممارسة مهامه بمبدأ الشرعية الإجرائية، و هذا الإلتزام معناه التقيّد بالإجراءات المنصوص عليها قانونا، و هو ما يعد خير ضمان لحقوق و حرية المشتبه فيه أثناء مرحلة التحريات الأولية.


م ن ق و ل


f'ghk Y[Jvhxhj hgqf'dJm hgrqhzdJm





reputation




االموضوع الأصلي : بطلان إجـراءات الضبطيـة القضائيـة || الكاتب : coding78 || المصدر : alwahatech

 

  رد مع اقتباس
 
 

إنشاء موضوع جديد إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:35 PM.


Powered by Alwaha® Version
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Adsense Management by Losha

new notificatio by 9adq_ala7sas
أقسام المنتدى

ˆ~¤®§][©][ القسم العـــــــام ][©][§®¤~ˆ || واحـة المواضيع العــامة || ˆ~¤®§][©][ قســــم التربية والتعليم ][©][§®¤~ˆ || واحة الضيافة والترحيب || واحة الدين الاسلامي || واحة التعليم المتوسط || واحة التعليم الثانوي || واحة اللغة العربية و اللغات الاجنبية الأخرى || ˆ~¤®§][©][ قســــم التكنولوجيــــا ][©][§®¤~ˆ || واحة اخبار التقنية || واحة الكمبيوتر و البرامج || واحة التصميم والغرافيكس || واحة الصيانة وحلول مشاكل الحاسوب || ˆ~¤®§][©][ قســــــم بــــــلادي ][©][§®¤~ˆ || واحة التعريف بمناطق الوطن || واحة السياحة المحلية || ˆ~¤®§][©][ القســــم الرياضـــي ][©][§®¤~ˆ || واحة كرة القدم العربية || واحة الرياضة العامة || واحة المسابقات والاعلانات || ˆ~¤®§][©][ قــســــــــم الإدارة ][©][§®¤~ˆ || واحـة العــاب الفيديــو || واحة برامج الحماية || واحة البرامج المشروحة || واحة برامج الفيديو والصوتيات || واحة برامج الانترنت والمحادثة || واحة البحوث العلمية || واحة برامج وملحقات التصميم || واحة كرة القدم العالمية || واحة لقطات الفيديو والصور والتصاميم الرياضية || واحة التصميم ثلاثي الابعاد || واحة دروس الفوتوشوب وكل اصدارات Adobe || واحة الفلاش والسويتش وبرامج الانمي || واحـة لغـات البرمجـة || واحة العاب اكس بوكس والبلايستيشن || واحة العاب الكمبيوتر || واحة الاستفسارات و استقبال الإقتراحات || واحة الجوالات MP3 MP4 Ipod Ipad || واحة الدوري الاسباني || واحة الدوري الانجليزي || واحة الدوري الايطالي || واحة الدوريات الاوروبية الاخري || واحة المناظر الطبيعية || واحة الاثار والقصور القديمة || واحة الصناعة التقليدية || واحة صناعة الفخار والسعف والجلد || واحة تعليم الصناعة التقليدية || واحة تاريخ وتراث المنطقة || واحة تاريخ المنطقة || واحة التراث الثقافي للمنطقة || واحة صور المنطقة || واحة صور وسط المدينة || واحة صور قصور المدينة || واحة اللغة الانجليزية || واحة اللغة الفرنسية || واحة اللغات الاجنبية الاخرى || واحـــــة الفضـائيـــــات || ˆ~¤®§][©][ نــــادي الواحــــــة ][©][§®¤~ˆ || واحة الالغاز والنكت || واحة الصور والغرائب || واحة السنما العربية والعالمية || واحة ملفات التورنت || واحة القرآن الكريم وعلومه || واحة السنة والسيرة النبوية || واحة الصوتيات والمرئيات || واحة المسائل الاسلامية العامة || واحة البيع والشراء والتبادل || واحة اخبار الوطن || واحة الثقافة العامة || ˆ~¤®§][©][ قسم الأسرة و المجتمع ][©][§®¤~ˆ || واحة الأسرة || واحة الافلام الوثائقية || واحة الاثاث و الديكورات و الأشغال اليدوية || واحة المرأة والطفل || واحة الديكورات و الأشغال اليدوية || مطبخ الواحة || واحة المواضيع المكررة || واحة اخبار وصور السيارات || واحة الجهاز المحمول PSP || واحة الـ EURO || واحة مشجعي وعشاق الاندية || واحة الكتب الالكترونية || واحة الأزياء المحلية || واحة الألـعـاب الأولــمــبــيــة Beijing 2008 || واحة رمضان || واحة الانمي || واحة القنوات الفضائية || واحة الشفرات || واحة الأجهزة الرقمية || واحة التعريف بالثانويات || واحة التعريف بالمتوسطات || واحة الارشادات والنصائح الصحية || واحة طلبات البرامج || واحة أنظمة التشغيل || ˆ~¤®§][©][ القســم الادبــي ][©][§®¤~ˆ || واحة الشعر والادب العربي || واحة التاريخ || واحة القصص والمقالات الادبية || واحة الشعر الشعبي || واحة الحوار والنقاش الهادف || واحة شهادة البكالوريا || واحة شهادة التعليم المتوسط || ˆ~¤®§][©][ القسم الجامعي ][©][§®¤~ˆ || واحة القانون || واحة البحوث والمقالات || واحة الاستشارات القانونية || واحة جديد القانون || واحة أخبار المحاكم || واحة القنوات الرياضية || اخبار الواحة || المطبخ الرمضاني || كوزينة رمضان || واحة كأس العالم || واحة كأس افريقيا || واحة اللغة العربية || واحة جامعة التكوين المتواصل || كلية الطب ، البيولوجيا و البيطرة || كلية العلوم الإجتماعية و الإنسانية || كلية العلوم الإقتصادية والتجارية || كلية الهندسة المعمارية والإلكترونية || كلية الإعلام الآلي والرياضيات || واحة السياحة العالمية || واحة الأطباق الرئيسية || واحة المقبلات و السلطات || واحة الحلويات و المعجنات || واحة المشروبات || واحة كتب الطبخ || واحة الحلى و الكريمات || واحة الرياضة الجزائرية || واحة محاربي الصحراء ( الفنوك ) || كرة القدم الجزائرية القسم الاول والثاني || مطبخ الواحة الخاص || واحة المواضيع المميزة || واحة المواضيع المميزة || واحة أدم || واحة الرسم و الخط العربي || واحة قانون العلاقات الاقتصادية الدولية || واحة التقنيات البنكية || واحة أخبار العالم || واحة التعليم الإبتدائي || واحة فيديوهات اليوتيوب || واحة كوبا أمريكا 2011 || واحة الفضاء الجامعي || واحة الشيرينغ || واحة طلبات الإشتراك بالسيرفر الـ cccam || المنتدى التحضيري || منتدى الاطوار الاولى || منتدى السنوات الرابعة و الخامسة || واحة الحدائق و النباتات المنزلية || واحة EURO 2012 || كلـــية اللغـــات الأجنبية || واحة التعليم العام ||


RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

- جميع المشاركات المكتوبة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ،، و لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى -